من وصايا النبي صلى الله عليه و سلم انه قال في حديث " ما كان الرفق في شئ إلا زانه ، و ما نزع من شئ إلا شانه " ، بل مدحه ربه تبارك في علاه فقال " و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، بل لك أن تتخيل كم يبغض الله هذا الغليظ حين تتأمل قول النبي صلى الله عليه و سلم " إن الله يبغض كل جعظري جواظ ، سخاب بالاسواق ، جيفة بالليل حمار بالنهار " .. وعى نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الحقائق فكان هينا لينا سهلا ، ما خير بين امرين إلا و اختار ايسرهما ما لم يكن فيه إثم او قطيعة رحم . و قد كانت لنا فيه الأسوة الحسنة ..فصلى الله عليه و على آله و صحبه وسلم ..

هذا جيد جدا يا إخواني الكرام ، يتبين لنا أن الرفق و اللين هو الاصل في الحوار مع من نختلف معه ، بل إن البسمة جعلها ديننا من الصدقات ، و علينا أن نلتزم ذلك دائما ، لكن ماذا عسانا أن نفعل إن كان الآخر يكيل لنا السباب و الاتهام بالباطل ؟

إن الحديث عن مقابلة السيئة بالإحسان خلق قويم ، و درجة رفيعة لابد أن تحدد ابعادها ، فحين قابل الصديق إساءة من خاض في عرض ابنته ، كان هذا طهر قلب منه حين اراد الله منه أن يعفو و يصفح عن المذنب ، هذا بعد تبين للناس خطأه و برأ الله أمًنا عائشة رضي الله عنها من الفرية .. كذلك كان حال النبي صلى الله عليه و سلم حين دخل مكة عزيزا قويا ، بعد أن أساء إليه اهلها ، لقد عفا عنهم في موقف عزة يشهد له العالم بذلك .

إن إغفال هذه الضوابط ، و مطالبتنا أن نقابل السيئة بالإحسان حتى و إن كان في هذا مذلة لنا و انتقاص من قدرنا لهو الذل و الهوان الذي لا يرضاه الله عز و جل للمؤمن ، فديننا الذي أمرنا بالرفق و اللين هو هو من أجاز لنا أن نوقف المعتدي عند حده و مقابلة عدوانه بعدوان مثله دول تجاوز لأن ليس من شيمنا التجاوز فقل عز من قائل " فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. " لك أن تتأمل التذكير بتقوى الله سبحانه بعد إجازته لنا أن نقابل السئة بمثلها ، فهو يحذرنا سبحانه من ان ننحرف عن تقواه ، فيخالط ردنا السيئة بمثلها تجاوز تمليه نفس قد حادت نيتها عن مراقبة الله .

فرق بين التواضع و المذلة .. فرق بين اللين و و الضعف...فرق بين السهولة و الخور ..
لابد أن ندرك هذه الحقائق جيدا ..