الاصلاح غاية عظيمة ، يصبو إليها فقط أصحاب النفوس الهمامة ، من يعيشون آلام مجتمعاتهم فيتأثرون بها ، و يحاولون أن يجدوا سبلا لحلها ، فهم عين المجتمع التي تسهر من أجل الارتقاء به ، و روحه التي تنبض بالأمل في رفعة شأنه ، و يكفي الاصلاح و أهله شرفا أنه كان وظيفة الأنبياء و المرسلين ، من أجل هذا قال شعيب عليه السلام"
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"..

صحيح أن التوفيق يكون بالله ، لكن على كل من أراد الاصلاح ان يتوخى أسباب تحقيقه ؛ إن من أهم هذه الاسباب هو الحياة وسط الناس و إشعارهم أنه منهم يأكل من أكلهم و ينام في مثل فراشهم ، أن يصبر على تأخر استجابتهم و تأخر تأهيلهم لحمل مثل دوره ، هذا أيضا هو خلق النبيين ، ما كان أسهل أن يطلب نبينا أن يطبق الأخشبان على أهل الطائف و قد آذوه ، لكنه لم يكن ليغضب لنفسه صلى الله عليه و سلم ، ولم يكن لينفس عن غضبه و انفعاله بما قد يخسره هدايتهم ..

لكنها الرحمة .أبصرها يا صاح ، إنها رحمة من أراد الاصلاح بقومه فزكاه ربه جل في علاه فقال عنه " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " فهو صلى الله عليه و سلم جمع بين الحرص عليهم و الرأفة و الرحمة بهم ، فالحرص عليهم و الغلظة معهم ستؤدي لا محالة إلى انفضاض أفراد دعوته من حوله ، و هو ما أكده القرآن الكريم فقال في خلقه صلى الله عليه و سلم "و لو كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ..

هل تأملت حال نبينا صلى الله عليه و سلم إذا اراد أن يعاتب شخصا : كان يقول صلى الله عليه و سلم : ما بال اقوام يفعلون كذا و كذا ، إنه لم يسمه باسمه ، لم يشعر من حوله أنه ينتقصه ، إن مراعاه الشعور الإنساني حق عظيم كفله الاسلام حتى للمذنب ، فهذا أدعى لا شك ليراجع نفسه و يعيد التفكير في وضعه ..

هذا هو حال المصلحين و حال امامهم صلى الله عليه و سلم ، فلينهج نهجهم من أ|راد اصلاحا ..