هذا العنوان يطابق قول قوم نوح
(فَقَالَ الْمَلاُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاّ بَشَراً مّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتّبَعَكَ إِلاّ الّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرّأْيِ وَمَا نَرَىَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنّكُمْ كَاذِبِينَ) هود : 27
حين أخذ يدعوهم إلى الله الف سنة إلا خمسين عاما من قبل أن ياخذهم الطوفان ، و لكن نظرتهم القاصرة تجمعت و تركزت في النظر في حال أتباع هذا الدين ، إنهم من أراذلنا الحقراء السفهاء ، بادي الرأي الذين لا يؤبه لقولهم الذين لا يمثلون قيمة في مجتمعهم ، غير المؤثرين في قوائمه الحضارية و صرحه النهضوي ، إنما هم مجموعة من المستضعفين ، بل ربما كان التجاؤهم إلى هذا الدين ليمثل لهم عزا أو يرفع لهم شأنا بعد فقدوا هذا الشأن بفشلهم على المشاركة بلبنات في صرح نهضتنا ؛ و من ثم فلا حاجة لنا في الإصغاء إلى قول هؤلاء...........هكذا فكر قوم نوح .
و أنا لست بصدد انتقاد هذا التفكير من حيث كونه حاول معرفة الحق بالرجال و قدرهم في مجتمعهم ، و هو لا يصح ، فالحق لا يعرف بكثرة أو قلة و لا باتباع أمير أو اتباع غفير ، إنما الحق يعرف بذاته ، لكن حديثي هذا يتوجه إلى طلاب الحق ، حملة مشعل التنوير الإسلامي الحضاري الذي ننشده في مجتمعاتنا ، لا تجعلهم يعتبرونك من أراذلهم بادي الرأي .
نعم يا طالب النور ، يا رائدة التنوير ، افهما هذا الحقيقة جيدا ، إن حملة هذه الأمانة لا ينبغي لهم أبدا أن يرضوا بالدون ، و ليعلم كل منا أنه في مجاله هذا على ثغرة من ثغور هذا الدين فليحذ أن يؤتى الدين من قبله ، و لا يشغلّنا عن هذا الثغر ثغور اخرى ، فلا بد لنا أن نعلم أن لهذه الثغور من هم لها ، و أنه وحده هو القائم على ثغره ، و لو التفت هنيهة إلى غيره إخوتاه فقد قصر في حمل أمانته .
يمازحني صديقي فيقول لي : نجحت و لا أخ ؟ أي سخف هذا !؟ للأسف كلمة أخ في مجتمعنا تطلق على الملتزم ، و كأن الملتزمين هؤلاء نسيج لمجتمع أخر غير مجتمع الناس ، فهذا السؤال من الخطورة بمكان ، إنه يحمل في طياته معنى خطير ، أنه يترجم المعنى الآتي : هل شاركتنا عالمنا بالنجاح ، أم آثرت عالمك الخاص على عالمنا ؟ .
نكأ الجرح يوما أن أسمع أحدهم يقول – بجدية – أن الواجب عليه أن ينجح ، أما التفوق فحبذا لو كان في العلوم الشرعية ، أما مجاله الذي أختاره الله له ، و الذي هو أصلا قائم على ثغره ، فلا بأس بالاكتفاء بالنجاح و ترك التفوق للآخرين حتى و إن كان الآخرون من غير المسلمين ، فإلى الله المشتكى !!
لطالما اختفلت مع إخواني الذين يرددون العلم الشرعي هو أفضل العلوم ، وهم و إن أنكروا احتقارهم للعلوم الحياتية الأخرى التي تمس الحاجة إليها ، فهم يحتقرونها بفعلهم بتقصيرهم في التحصيل الأمثل لها بانصرافهم عنها إلى العلم الشرعي ، الأنكى من ذلك أني ذهبت إلى حد رموز الدعوة في مدينتنا الأسكندرية لاسأله عن الحديث الذي حسنه الترمذي القائل ( من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع ) بعد أن سمعت تضييق أحدهم نطاق هذا الحديث في حدود العلم الشرعي دون سواه ، فقلت يا شيخ هل معنى هذا أني لو خرجت لدراسة الطب مبتغيا وجه الله ، ألا يكون هذا خروجا في سبيل الله !؟ رفضنا شيخنا الجليل أن يخلع علي هذا الشرف ، و اكتفى بأن يقول تخرج و لك الأجر و الثواب . ألححت لاستخرجها من بين شفتيه ، لكنه ضن بأكثر مما ذكرآنفا !!
إن التفرقة بين العلوم و جعلها مراتب من شأنها أن توجه طاقات الشباب إلى حيازة اشرف العلوم أو قل التقصير في تحصيل ما سواها باعتباره أدنى منها شرفا ، و هو خرق في صرحنا الحضاري الذي ننشد استعادته ، ثم إن قيمة العلم لا تتمثل في العلم ذاته إنما تتمثل فيما عمل به ذووه ، و ما حال أهل الكتاب الذين نبذوا الكتاب وراء ظهورهم منا ببعيد " و لما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتو الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون" فهؤلاء على هذا القول حازوا أشرف العلوم في زمانهم فماذا فعلوا ؟ بينما لنتطرق بأنظارنا إلى عظماء في تاريخنا ممن ولوا العلوم الحياتية اهتمامهم و صنعوا مجدهم هل يستقيم أن نقول ان هؤلاء اقل شأنا من اصحاب العلوم الشرعية ....أي فهم هذا ؟!!
شيخنا هذا الذي نتقرب إلى الله بحبه هونفسه الذي قال حين اعترض العلمانيون على هدي الإسلام الظاهر الذي استشرى في مجتمعنا و لله الحمد و المنة : و هل اللحية تمنعك من الصعود للقمر ؟
و هنا نقطة ؛ بالطبع لا ، و لكن هل الذي يربى على أن العلم الشرعي اشرف العلوم و أن ما سواها أقل منها شأنا ، و من ثم طالبها أرفع قدرا من طالب العلم الذي يطلبه ، هل سيفكر هذا يوما في الصعود للقمر ؟ - قطعا لا ، إنه سيركز جهده كله في حيازة أشرف العلوم ، إن يحاصر ببيئة حين تناديه و إن لم تنبت لحيته بعد بقول يا شيخ فلان أضف إلى هذا الشحن الذي يشحنه مما ذكرت ، فيحاط هذا البرعم أن هذا هو السبيل و هو أمر لابد لكل مهتم بنهضة أمتنا أن يراجعه .
إخوتاه ، إني لكم ناصح أمين ، أحسن الله إليكم أكرر كل منا على ثغرة من ثغور هذا الدين ، لا تحقر أبدا علمك الذي تدرسه مادام ينفع إخوانك ، ابذل في تحصيله كل غالٍ و نفيس وقتك و عمرك وحياتك ، حسبك من العلوم الشرعية ما تصح به فريضتك و تسلم به عقيدتك ، تأكد أنه هناك على هذه الثغور من يكفية مؤونة الالتفات إليها ، ول ثغرك كل اهتمامك ، كن أنت سيده ......لا تجعلهم أبدا يقولون على صرحنا الحضاري : و ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي.
11 حبوب:
غير معرف يقول...-
الفرخ
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
الفرخ
يقول...
-
Ahmed Tharwat
يقول...
-
الفرخ
يقول...
-
غير معرف
يقول...
-
أحسن الله إليك نبرة صارخة جادة في يقينية فكرة ليست بهينة
.......ولكن يسعي للعلو دائما أصحاب الهمم العالية النافذة فمثلا طبيب وأصبح دكتور جامعي وأيضا تشرب من التاريخ ما ينهلنا منه الآن وكيف لي أن أتخيل كيف استطاع أن يجمع بين الطب وتاريخ الأمة الطويل وهو ليس طاحنا في السن أو عجوزا،كيف؟؟؟ التوفيق من الله طبعا
ولكن ليحذوا حذو هذا الرجل فقط صانعي الفرق والاختلاف وعدم الالنفات للكثير مما يقال وليكن كنوح حينما أخذ في تنفيذ أمر الله ولم يلتفت لقومه أصحاب الأفواه الملئي بالكلام بينما يغيب عنهم ملاح الأفعال- هو دكتور راغب السرجاني طبعا- ...وذلك فقط تعقيبا علي جملة(حسبك من العلوم الشرعية ما تصح به فريضتك و تسلم به عقيدتك )
فذلك يكفي أصحاب العلوم القيمة ومساعيهم وفقط ولكن من حق أصحاب الأحلام الغناءة أكثر من ذلك ..تكميلا لجرعة الحماس المهولة في خطابك الموجه للشباب أما الباقي فجزاك الله عنه خير الجزاء وأفاد منه من قرأه
أحسن الله إليك نتفق تماما
تعقيبا على كلامك ، أنا حين ذكرت " حسبك من العلوم الشرعية ما تصح به فريضتك و تسلم به عقيدتك " إنما كنت اقصد في مرحلتنا الحالية .
و هذا بالفعل ما تعلمته من أستاذنا السرجاني في حلقات عدة منها في سلسلة العلم و بناء الأمم ، و برنامج رمضان المنصرم مع الدكتور صلاح سلطان صناعة العلماء أقرا هذا الذي ذكرت.
فدكتور راغب السرجاني نفسه و هو من مواليد 1964 ، لم يحمل القرآن إلا في عام 1991 و هو مرحلة عمرية كبيرة نسبيا .
وهو أوضح أنه وجه كل اهتمامه لدراسة الطب و حين حصل الدكتوراه نحا نحو العلوم الشرعية و برع في التاريخ كما تعلم .
و لكن قال أنه خلال دراسته كان يقرأ كثيرا ، و هو نموذج جدير بالاتباع حقيقة.
أشكر لك مرورك.
جزاك الله خيرا ..
بداية: أنا لا أختلف معك في أهمية التفوق فى مجال التخصص، فهذا من متطلبات الواقع الدعوي، ولكنى أختلف معك فى عدة نقاط:
1- اعترضتَ على رفض الشيخ إنزال الحديث على غير العلوم الشرعية، والحق أن الصواب كان مع الشيخ، فإن الآيات والأحاديث الواردة فى فضائل العلم إنما تُختص بالعلم الشرعي، ولا تعد ذلك تعنتا بل هو ما تقتضيه أصول الفقه والنظر والاستدلال، وعلى هذا إجماع العلماء والفقهاء.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العلماء ورثة الأنبياء ، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر"
فهذا العلم الذى وُصف حامله بأنه وريث للأنبياء لا يصح أن يقال هو علم الدنيا لأن الوحي قد جاء بأمر الدين ولم يأت بأمر الدنيا على وجه التفصيل
يقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى فى كتاب العلم :
والذي يعنينا هو العلم الشرعي، والمراد به : ((علم ما أنزل الله على رسوله من البيانات والهدى)) ، فالعلم الذي فيه الثناء والمدح هو علم الوحي، علم ما أنزله الله فقط قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )
ثم قال رحمه الله:
"ومن المعلوم أن الذي ورثه الأنبياء إنما هو علم شريعة الله – عز وجل – وليس غيره، فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام _ ما ورثوا للناس علم الصناعات وما يتعلق بها، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد الناس يؤبرون النخل – أي يلقحونها – قال لهم لما رأى من تعبهم كلاماً يعني أنه لا حاجة إلى هذا ففعلوا، وتركوا التلقيح، ولكن النخل فسد، ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنتم أعلم بشؤون دنياكم )).
ولو كان هذا هو العلم الذي عليه الثناء لكان الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس به، لأن أكثر من يثنى عليه بالعلم والعمل هو النبي صلى الله عليه وسلم . " ا.هـ.
وأما علوم الدنيا فيكفى فيها أنها من باب القوة التى أمرنا بأخذها ومن باب كونها فروض كفاية على جماعة من المسملين كفاية غيرهم بعلمهم وسعيهم فيها إضافة إلى نيل ثواب كفاية الأهل والعيال، يقول الشيخ العثيمين:
"
إذن فالعلم الشرعي هو الذي يكون فيه الثناء ويكون الحمد لفاعله، ولكني مع ذلك لا أنكر أن يكون للعلوم الأخرى فائدة، ولكنها فائدة ذات حدين : إن أعانت على طاعة الله وعلى نصر دين الله وانتفع بها عباد الله، فيكون ذلك خيراً ومصلحة، وقد يكون تعلمها واجبا في بعض الأحيان إذا كان ذلك داخلاً في قوله تعالي: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ َ) (الأنفال:60) .
وقد ذكر كثير من أهل العلم أن تعلم الصناعات فرض كفاية ، وذلك لأن الناس لابد لهم من أوانٍ يطبخون بها، ويشربون بها ، وغير ذلك من الأمور التي ينتفعون بها، فإذا لم يوجد من يقوم بهذه المصانع صار تعلمها فرض كفاية. وهذا محل جدل بين أهل العلم، وعلى كل حال أود أن أقول إن العلم الذي هو محل الثناء هو العلم الشرعي الذي هو فقه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عدا ذلك فإما أن يكون وسيلة إلى خير أو وسيلة إلى شر، فيكون حكمه بحسب ما يكون وسيلة إليه."ا.هـ.
يتبع
2- لا شك فى كون العلم الشرعي هو أشرف العلوم على الإطلاق، وقد وردت فى ذلك نصوص كثيرة حسبك منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين"، وتزكيته صلى الله عليه وسلم لأهل العلم العاملين به فى كل زمان، فقال صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين".
وذلك لأنه لما كانت العبودية لله تعالى هى الغاية من خلق الإنس والجن، كان أفضل العلم ما تستقيم به تلك العبودية من دلالة الناس على خالقهم جل وعلا وما تصح به عباداتهم ومعاملاتهم وفق قواعد الشرع.
يتبع
3- لا يلزم من القول بأفضلية العلم الشرعي إهمالُ سائر العلوم، ولكي يتضح الأمر أكثر، فإن علوم الشرع على قسمين:
الأول: فرض عين: وهو ما يجب على كل مسلم تعلمه لاحتياجه إليه فى عباداته ومعاملاته كعلم التوحيد وتعلم أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاملات من بيوع ونكاح وطلاق والأطعمة والأشربة وغيرها.
الثاني: فرض كفاية: كالتخصص فى أصول الفقه ومصطلح الحديث ونحوهما.
فما كان فرضا على الأعيان، فذلك لا مناص من تعلمه والسعي فى تحصيله؛ لأن تاركه يأثم ولا شك.
وأما ما كان فرضا على الكفاية فهذا لا يجب على كل إنسان أن يفرغ نفسه له، بل هو واجب على المجموع، من وجد فى نفسه القدرة على التصدر له والقيام بحقه تصدر، وأما من لم يجد ذلك من نفسه أو اختار تخصصا آخر فليفعل بشرط قيام الكفاية.
4- من يُسر الشريعة وكمالها أن الناس لم يؤمروا كافة بالانقطاع للعلم الشرعي وتعلمه وتعليمه، فإن الشريعة كما تعنى بحفظ الدين تعنى بحفظ البلاد والعباد، ولهذا جاء الأمر بالانقطاع لطلب العلم موجها لطائفة: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة"، أما سائر المؤمنين فتتنوع توجهاتهم حسب المتطلبات الواقعية والشرعية، بل واجب على الأمة الأخذ بأسباب القوة الدنيوية لإقامة الشرع.
ومن هذه القوة التخصص فى العلوم العسكرية والمساعدة للعسكرية من صناعات ونحوها.
كما يجب على الحاكم توفير ما تثحفظ به الأنفس ابتداءا من الزراعات والعلوم المتعلقة بمأكل الإنسان ومشربه، انتهاءا بعلوم الطب وما يعنى بحفظ حياة الإنسان.
كما يجب توفير جماعات تتخصص فى سائر التخصصات التى لا تستقيم الحياة بدونها.
يتبع
5- قد يختار الواحد التخصصَ فى علوم الشرع دون غيرها، لكن لا يعنى ذلك أن عليه أن يُهمل أمر دنياه ويترك التفوق فى المجال الذى يعمل فيه، وعلى هذا توجيه مشايخ الدعوة السلفية فى الإسكندرية وغيرها.
نقل الشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله فى كتابه علو الهمة عن ابن الجوزي رحمه الله قوله: " وينبغي له أن يجتهد في التجارة والكسب ليفضل على غيره، ولا يفضل غيره عليه، وليبلغ من ذلك غاية لا تمنعه عن العلم"
قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله معلقا على قوله :
" وهذا المعنى مأخوذ من حديث: (اليد العليا خير من اليد السفلى). فإذاًَ: هو يحث هنا أيضاً على أن يستقل المرء مادياً، بحيث لا يحتاج أن يمد يده إلى غيره، فتكون يده سفلى، بل يكون هو المعطي لا الآخذ. ثم يقول: وليبلغ من ذلك غاية لا تمنعه عن العلم، فينبغي له مع اجتهاده في الكسب أو في التجارة ألا يصل إلى حد يعوقه عن طلب العلم، ثم ينبغي له مادام يطلب العلم أيضاً أن يطلب الغاية في العلم، بأن يجتهد في تحصيل أعلى الدرجات في طلب العلم ".
وسُئل الشيخ سعيد عبد العظيم فى مرة عن ترك المذاكرة لأجل الانشغال بالعلم والدعوة فقال إن ذلك من الخطإ لأن الواجب على أهل الإسلام أن يتفوقوا ولا يتركوا التفوق للنصارى والعالمانيين وأصحاب المناهج الباطلة.
وفى الحديث عن مناهج التربية الإسلامية والجمع بين أمر الدين وأمر الدنيا ذكر الشيخ عبد المنعم الشحات أن الواجب على الإنسان إن أراد التخصص فى علوم الشرع أن يجتهد وأن يتفوق فى تخصصه الدنيوي ليكون معينا له على العلم الشرعي، فيختار تخصصا ذا دخل عال ليتمتع بفراغ البال الذى يساعده على العلم الشرعي.
وكثير من العلماء المعاصرين درسوا علوما دنيوية ، بل إن من علماء السلف من كان له باع فى معرفة الطب والحساب وغيره من العوم الدنيوية ولم يمنعه ذلك من أن يكون إماما فى العلم يهتدي به الناس .. فهذا الإمام الشافعي ذكروا أنه أتقن الطب حتى أتاه طلاب الطب كي يعلمهم فاعتذر لضيق االوقت ، وذكر الجبرتي فى تاريخه أن والده حسن تصدي للإمامة والإفتاء وهو فى الرابعة والثلاثين من عمره واجتهد فى علوم الهندسة والفلك والكيمياء والرياضيات وغيرها من العلوم الدنيوية وما ترك صنعة إلا وأتقنها كالحدادة والنجارة والخراطة وغيرها واخترع آلات كثيرة ...
والإمامان أبو حنيفة وعبد الله بن المبارك كانا تاجرين ناجحين، وغيرهم الكثير.
وأما من المعاصرين:
فالشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى على درجة عالية من التخصص فى الطب النفسي وقد ذكر رئيس قسم الطب النفسي فى الأزهر تفوق الشيخ وإتقانه الشديد لمجاله وأنه من أفضل الأطباء النفسيين على مستوى العالم.
والشيخ ياسر برهامي والشيخ سعيد عبد العظيم تخرجا من كلية الطب بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف
والشيخ أحمد حطيبة من أمهر أطباء الأسنان بالإسكندرية.
والشيخ سعيد حماد كان من الأوائل فى كلية الهندسة ويعمل وكيل وزارة الاتصالات وذكر أنه درس الدكتوراة بفرنسا، وفى الوقت نفسه الشيخ من المتخصصين فى علوم القرآن والقراءات على كبر هذا المجال.
والشيخ أبو إسحق الحويني كان من الأوائل على دفعته فى كلية الألسن.
والشيخ محمد عبد المقصود يعمل أستاذا بكلية الزراعة بالقاهرة وهو من أتقن الفقهاء فى مصر.
ومن خارج مصر الدكتور محمد بن موسى الشريف وهو يعمل طيارا ويعمل أستاذاللقراءات وعلوم القرآن وفى الوقت نفسه من المؤلفين المعتبرين.
وغير من ذكرت الكثير والكثير.
والكثير ممن أعرفهم من المتفوقين فى مجال العلم الشرعي والعمل فى الدعوة من الأوائل فى كلياتهم ومن البارزين فى تخصصاتهم.
فالعلم الشرعي لا يمنع إذا من التفوق فى الدنيا ولا من السعي فى تحصيل الحياة الكريمة كما يتوهم البعض، والاتجاهات الدعوية لا تمنع أبناءها من السعي إلى التفوق فى الدنيا ولا من التخصص فى مجال غير العلم الشرعي.
أخوك حسام
حسام أشكرك على إثراء الموضوع
...... لكن حقيقة انت لم تقنعني بأن العلم الشرعي أفضل العلوم و حديث الأنبياء ورثوا العلم ، و أن من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين ، لا أرى الاستدلال بهما في موضعه ، و هما لا يقتضيان تفضيل العلم الشرعي على سائر العلوم ، فمازلت على قناعتي بأن العلوم قدرها ليس في ذاتها إنما بما عمل بها متعلمها ..... الأمثلة التي ذكرتهامن علمائنا رائعة و نشرف بها ، غير أن حديثي كان موجه إلى هؤلاء الذين يهملون التفوق في دراستهم و يتجهون إلى العلم الشرعي و هو ما أرفضه.
مقالة رائعة يا محمد و تعبير ممتاز عن الفكرة و انا باتفق معاك بنسبة كبيرة.. مش بس العلم الشرعي لكن على الانسان أن يهتم أولا بالعلم الذي أوكله الله له و كذلك بما يعينه على الدنيا من العلم الشرعي و ألا يشغل باله كثيرا بقضايا أوكلها الله لغيره... أيا كانت تلك القضايا طالما ستحيده عن هدفه..
مش معنى ذلك إن الانسان ما يهتمش بقضايا مجتمعه أو دينه إنما يكون كل شيء بقدر حتى لا ينسى الطبيب مهمته في الحياة و كذلك المهندس و طالب العلم... إلخ
يمكن لأن الشيطان بيلهينا بما هو مهم عما هو أهم
و ألف شكر يا محمد على المقالة الجميلة البليغة
شكرا يا أحمد
أسعدني مرورك
بص يا محمد، تفاضل العلوم فى المنزلة مسألة عقلية فى الأصل قبل أن تكون مسألة شرعية
فلو نظرنا إلى العلوم الدنيوية نجد أن هناك تفاوتا بين العلوم المختلفة، فعلم الطب أشرف بلا شك وأفضل من علم الحشرات. قد تكون دراسة دقائق حياة الحشرات مهمة لكنها ليست بقدر علم الطب الذى يحافظ على حياة الإنسان، ولذا فاتفق الناس كلهم على أن علم الطب هو أشرف العلوم الدنيوية. فإذا فُضِّل الطب عن غيره لما فيه من صلاح البدن وحفظ النفس، فلا شك فى أفضلية العلوم الشرعية على سائر العلوم الدنيوية لأن فيها إصلاح القلب وحياته ونجاة العبد من النار.
إرسال تعليق