التفقه في السنن (قراءة في احداث كاميليا )

من جميل ما تعلمناه من أستاذنا الدكتور راغب السرجاني في ختام حلقاته دعاءه ( نسأل الله أن يفقهنا في سننه و أن يعلمنا ما ينفعنا ) ....و الفقه لغة هم الفهم و منه قول أهل مدين لشعيب عليه السلام " ما نفقه كثيرا مما تقول " ، أما السنة فهي الطريقة ، و المراد من الدعاء هو أن يرزقنا الله الفهم السليم ، و التحليل المنطقي لمجريات الأمور ، وهو يحمل في ثناياه الاعتراف بقصور العقل عن الإدراك و الإحاطة بالفهم السليم إذا لم يمن الله به عليه ، فالله تبارك و تعالى هو الذي علم داود " و علمنه صنعه لبوس " و هو الذي فهم سليمان " ففهمناها سليمان " ، و كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا استعصت عليه مسألة يمرغ وجهه في التراب و يقول يا معلم داود علمني ، يا مفهم سليمان فهمني، فنسأل الله أن يفقهنا في سننه و أن يجعلنا من الراشدين.

كانت هذه المقدمة دعوة لقراءة الأحداث من منظور آخر ؛ أحداث خطف أختنا الأسيرة كاميليا شحاته - فك الله أسرها – فهذا الأمر و إن كان يبرهن على استضعاف الأغلبية المسلمة في وطنهم ، و تسلط قوى الباطل و الكفر عليهم ، غير أنه يحمل في طياته الخير الكثير " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " لقد سقط القناع !!

سقط القناع ، و سفرت الوجوه و صار جليا خبثها ، و أقوالها الزائفة ، و بروقها الخادعة ، و حصل بهذا تمايز الصفوف الذي نص عليه الذكر الحكيم فقال تعالى " ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعضه فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون"

أول ما كشفته الأحداث هو زيف المحبة التي يرفعها النصارى و يقولون الله محبة ، و أن ربهم خلقهم لأنه يحبهم ، و هم ورثوا هذه المحبة و ذلك التسامح ، و يتشدقون بأن من صفعك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر ، و ها هم تتناقض أقوالهم و أفعالهم " قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفي صدورهم أكبر " لقد تبين لنا – نحن المصريين – من يهدم الوحدة الوطنية ، و من يشعل فتيل الفتن الطائفية ، و صار واضحا جليا للقاصي و الداني غطرسة الكنيسة المصرية ، و كعبها العالي على مؤسسات الدولة الرسمية ، فأجدر بنا نحن المسلمين أن نرجع إلى ديننا و أن نفهم أصلا عظيما في عقيدتنا ينص على موالاة المؤمنين و البراء من الكافرين ، فحري بنا ألا نوالي هؤلاء المجرمين الصادين عن سبيل الله ، و أن نقول سمعنا و اطعنا لقول ربنا تبارك و تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين "

كذلك تبين لنا الوجه القبيح لمنظمات حقوق الإنسان ، و أي (أجندة) تحركهم ، و عويل نسائها الذي أرهق آذاننا مطالبة بحقوق المرأة و مساواتها بالرجل و كيت و كيت ، ثم إذا ما اختطفت امرأة لا تحس منهم من أحد و لا تسمع لهم ركزا ، أين حق هذه المسكينة في الحياه الهانئة الكريمة ، أين حقها في حرية الاعتقاد لم أراكن كأن على رؤوسكن الطير !!؟

الأمر المؤسف الأخر و الذى أوجع قلوبنا هو تعويم القضية من إمام المسلمين الأكبر في مصر و شيخ الأزهر ، و قبوله دعوة رأس النصارى لدعوة إفطار الوحدة الوطنية ، و ليت شعري أي وحدة وطنية ينادون بها و هم ينقضون غزلها بأيديهم لا بأيدي المؤمنين ، إن أقل ما كان عليه – سامحه الله – هو رفض هذه الدعوة حتى تستبين السبيل في هذ القضية .أيوفر شنودة الحماية لمسيحيي مصر و يعجز شيخ الأزهر عن توفيرها لامرأة مستضعفة ........إنا لله و إنا إليه راجعون.

أما نواب الشعب رافعو راية الإسلام ، الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر ، الذين يقنعوننا بحفظهم لحدود الله ، لم يتحرك لهم ساكن ....واعجباه ما هذا التخاذل ؟ يا إخواننا أليست هذه أختا لكم ، يا من تنصرون إخواننا في فلسطين ألا تنصرون أختكم التي استنفرتكم لنصرتها بمصر، أهكذا تكون الأمانة التي حملكم الشعب اياها ؟.....إنا لله و إنا إليه راجعون.

أما مشايخنا و علماؤنا فيؤسفني تمام الأسف أن تسمع شيخا رائدا في دعوته يستنكر هذه الفعلة النكراء و يندد و يشجب ، و تلمح في حديثه الخوف و الحذر و أجرا ما قال أن شنوده يحرك مصر كالدمية و أنه يريد أن يعرف من يحكم مصر .....أهكذا تكون كلمة الحق ؟ أين نصح الحاكم يا مولانا ؟ إن التنديد يقوم به البر و الفاجر ، أما كلمة الحق و نصح السلطان فمن يقوم به إن تأخر العالم ، قد تعلمنا منكم الحديث :عن أبي تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه البخاري و مسلم ....... لم لا يقال صراحة " يا سيادة الرئيس اتق الله في رعيتك و اعلم انك واقف غدا بين يدي ربك فسالك عما استرعاك فاعد لهذا السؤال جوابا " هل هذا هو الوهن الذي حدثنا به نبينا صلى الله عليه و سلم ، أهو حب الدنيا و كراهية الموت ، إن العالم لا يجدر به أن يخاف فإن فعل فماذا نفعل نحن العوام ؟ أذكرك بحديث النبي صلى الله عليه و سلم "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاه فقتله" صحيح رواه المنذري في الترغيب والترهيب.

و بعد
فالله متم نوره و لو كره الكافرون ، و إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ، ولما كان جهاد المشركين بالنفس و المال و اللسان كما بين نبينا صلى الله عليه و سلم في الحديث "
جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" رواه ابن حزم في أصول الأحكام، فها هي دعوة للجهاد باللسان في الوقفات السلمية التي تقام بالمحافظات لعلنا نعتذر إلى ربنا بهذه الوقفات ، ستكون في الاسكندرية في الرابع و العشرين من سبتمبر عقب صلاة الجمعة عند مسجد القائد إبراهيم ، و تذكروا قوله تعالى " و إن استنصروكم في الدين فعليكم النصر " و أختكم تستنصركم فلبوا دعوتها .
اللهم اجعلنا ممن ينصر دينك و انصرنا على القوم الكافرين .