ما زلت أذكر الأمس القريب ، كان يجلس بجوارى فى الصف الرابع فى المرحلة الإبتدائية ، هو وحده من لا يزال تربطنى به علاقة من رفاق الإبتدائى الذين تقطعت أواصرى بهم ، ربما لأن قدره ألقاه فى كلية الصيدلة مثلما ألقى بى فى حظيرة الطب.

كان يحادثنى منذ عام أو أكثر أنه وجد ضالته و استقر عاطفيا ، بل و ذهب إلى والدها وحده ، فوجده رجلا متفاهما للغاية يقول لى : تصدق يا محمد مقليش لا مهر و لا شبكة و لا أى حاجة ، كل اللى قاله : شوف يابنى أنا هديك جوهرة مش عايز منك حاجة إلا إنك تحافظ عليها.

فرحت له فى الحقيقة ، قلما تجد رجلا مثل هذا فى عصر كهذا الذى نعيشه ، ثم بلغنى انه خطبها بالفعل من أشهر قليلة .

أما أحمد رفيق الإعدادى و الثانوى ، قابلته قريبا ، فأخبرنى بمثل ما أخبرنى به عمرو انه على وشك قراءة فاتحة . - بمناسبة الفاتحة واحد صاحبى بس اكبر شوية قرأ الإخلاص ؛ لأنه خاف إن الفاتحة تبقى بدعة فى هذا الموقف !!!!!-

أما الثالث فمن رفاق الحظيرة و الذى اعتزم أن ينهج نهج سابقيه لكن بعد عام من الآن .

فى الواقع الارتباط أمر مهم لا سيما فى زمان كهذا الذى نحياه ، و قد كنت يوما من أنصار الزواج المبكر ، و كان هذا قبل أن يسطر قلمى هذه الكلمات بأعوام ثلاثة ماضية . لما اعتقده - و ما زلت - من أهمية الزواج فى حفظ النفس و العفة ، و غير هذا من المعانى التى نسمعها كثيرا ، و مصداقا لحديث النبى صلى الله عليه و سلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج .....الحديث "

لكن ثمة أمر جد ، إن الزواج أو حتى الارتباط بخطبة أو قراءة فاتحة ، و إن كان هذا مهما بلا شك ، إلا أنه يشغل حيزا من الفكر ، و يعوق قدرا من الاهتمام الذى سينصب على الطرف الآخر ، وهو ما أراه ليس فى موضعه فى المرحلة العمرية الحالية . هل يمثل هذا انقلابا فكريا ؟ ربما . أم نسميه نضوجا فكريا ؟ أظنه الأحرى. ههكذا كان أو ذاك فأنا لست من أنصار الزواج المبكر.