تقابلنا في الحياة لقطات كثيرة ، بعضها محزنة للغاية ، بعضها مثالية للغاية ، بعضها يضحكك ، بعضها يبكيك ... لكنها تظل في النهاية ...لقطات من الحياة...
في هذه الرسائل سيخرج فرخنا بعض تلك اللقطات ...بعضها حقيقية ...بعضها عبث فيها بمنقاره و أضفى عليها تصوراته ...في النهاية ستعجبك إن شاء الله ...

لنبدأ

* تسمع أن إخوانها يتضورون جوعا ً ، تذهب إلى هيئة الإغاثة ، تخرج كل ما في حقيبتها دون أن تعرف قدره ، بينما هي تخرج ما فيها إذ بابتسامة عريضة ترسم على وجنتيها النضرتين ، تتذكر كلما سألها زوجها عن مدخراتهما فتجيبه أنها أودعتها عند من لا تضيع عنده الودائع ، فيضمها إلى صدره ، و يطبع قبلة رقيقة على جبينها و كأنها ختم الموافقة ..تخرج من الهيئة و النشوة تملؤها تتمتم : اللهم إن هذا منك إليك ، اللهم إن هذا منك إليك.

* يجلس في كرسي الترام ، كان يومه المدرسي حافلا ، في الحادية عشر من عمره و كله نشاط ، يصعد رجل مسن لا يدري كم عمره ، على وجه تجاعيد و يخفي في نفسه تجاعيد أكثر ، نظر إلى الجالس من خلف نظارته ، و عيناه تتوسل إليه .. فكر الصبي كم هو متعب .. تذكر كذلك أن الشيخ متعب .. تذكر كلمات أبيه الذي فقده عن الرحمة ..بابتسامة لطيفة قام له ..

** جهز أمتعة السفر ، أصرت زوجته على أن ترافقه في تلك الرحلة ، مضت عشر سنوات منذ آخر مرة رآه فيها ، بعد أن قرر أن يعود إلى وطنه ليقضي فترة تدريبه كطبيب امتياز في غزة حين سأله عن السبب أجابه : كفاية غربة ..أوجعته الكلمة بعض الشئ فهو لا يشعر به غريبا ॥يشعر أنه أخوه ..بل له في قلبه ماليس لكثير من أبناء وطنه ...زاد من شعوره هذا مرافقة الغزاوي له فترة ليست بالقصيرة في حلقات القرآن ..كان يحب الاستماع لصوته و هو يقرأ القرآن ..كان يرتل القرآن كسلاسل الذهب .. دارت كل هذه الخواطر في رأسه و هو يدير محرك السيارة مرددا دعاء السفر تردده وراءه زوجه و طفلاهما ... و ذاب في نشوة الشوق سابحا في قول الرجل الصالح :لا إلا إني أحبه في الله ..**
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§


** زار رجل أخا له في قرية , فأرصد الله له ملكا على مدرجته , فقال : أين تريد ؟ قال : أخا لي في هذه القرية , فقال : هل له عليك من نعمة تربها ؟ قال : لا إلا أني أحبه في الله , قال : فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحببته
) رواه مسلم 2576