كان يوما بارزا في حياتي ، أظنه سيكون من الذكريات الباقية في حقبة الجامعة ، كان أحد أصدقائي في الفرقة الثالثة كلمني أنه تعرف على أستاذ لنا سيصحبه هو و صديقه النمسوي في الصباح بهدف دعوة النمسوي للإسلام ، تبين لي بعدها أن هذا الأستاذ هو أحد أساتذتي ممن تشرفت بالتلقي عنه أثناء زيارتي لوحدة الكلى في إطار دراستي للباطنة ، طلبت أن يستاذنه في أن أشاركهم اليوم ،رحب أستاذنا على الفور..

كان يوم الجمعة ، ذهبنا في بداية اليوم لنادي سموحة ، لعبنا ( إسكواش ) مع أستاذنا ، ذهبنا بعدها لحضور الخطبة في مسجد الفتح- قلعة السلفية بمحافظتنا - ، ثم تناولنا الغداء في احد المطاعم ، فذهاب غلى قافلة طبية للدعوة السلفية بكرموز ، ثم إلى عيادة أستاذنا ، فمستشفى ، فنهاية اليوم ..

الجميل أني عرفت الرجل أكثر ، أايت فيه أمورا كثيرة تدعوك أن تتخذه قدوة و بشدة ، قد يكون عجيبا بعض الشئ أن ترى استاذك الذي يقف امامك بالقميص و( الكرافتة) يرتدي( تي شيرت) و بنطلون ( برمودا ) ، لو ترى حنانه في تعامله مع ابنتيه الصغيرتين ، كيف يأخذ بيد إحداهما ليعلمها كيف تضرب بالمضرب ؟

ماذا لو رأيت حواره في الدعوة للإسلام ، إنه يسلك منافذ عدة ، لو تحدثنا عن الداروينية و الإلحاد فلديه ما يقوله ، و لو تحدثنا عن الرقائق و مخاطبة الروح فلديه ما يقوله ، لو تحدثنا عن الحياة بالإسلام في الدعوة حين نتناول الطعام مع النمسوي فلديه ما يقوله !

لكل مقام مقال ، الجديد أنه لكل مكان زي ، فلباس الرياضة تم تبديله قبل خطبة الجمعة بالقميص السني ، الذي تم تبديله أيضا قبل الذهاب لقافلة الدعوة بالقميص و ( الكرافتة )

أثار صديقي السؤال : أستاذنا كيف جمعت بين كل هذا : فأنت طبيب ناجح ، أستاذ في الجامعة ، ميسور الحال ، داعية إلى الله ؟ فأضفت : و رجل رياضي ..
جاء الجواب : بعد أن ذكر أنه ليس كما نظن ، لكنه يعرف الطريق و يتمثل في نقطتين :
الأول : الإخلاص لله ، فكل هذه المتفرقات لا شئ يجمع بينها أبدا إلا لو كانت هدفها واحد ولن يكون هدفها واحدا إلا لو كان الله .
الثاني : الاستفادة المثلى من الوقت و الحفاظ عليه ...

تأكد لدي حين سمعت كلامه أن النقطتين غائبتين إلى حد كبير من حياتي ، الأعجب انه بالرغم من أنه مر على هذا الحدث ما يقرب من ثلاثة شهور إلا أن هاتين النقطتين مازلت اتفقدهما في حياتي !!

الإخلاص ، إننا بإمكاننا أن نسرد الآيات و الأحاديث و القصص ، لكن أين حقيقة الإخلاص !؟
إن المشكلة الحقيقية لسنا الوحيدين المساهمين فيها ، إنما تربيتنا التي وضعت في اذهاننا أننا متفردون غيرنا ..
و هي ليست مشكلة اسرية ؛ إنما هي مشكلة مجتمع .. ذلك المجتمع الذي يؤكد أن الطفل المصري هو اذكى طفل في العالم ... أن الرجل المصري في اي مكان في العالم مرغوب من نساء الدنيا ... أن مصر هي ام الدنيا ..
إننا ننسى أن نرجع الفضل لله ، و أن نربط الفضل به ، فجاء هذا كله في أن صرنا نسعى لمجدنا الشخصي ، ربما نزخرف نياتنا بدعاوي كاذبة إننا نفعل هذا نصرة للإسلام و إرضاء لله و الحقيقة أن هذه النوايا كثيرا ما يخالطها الدخن ..
إنها ليست دعوة لجلد الذات ، بل هي دعوة لتنقيتها ..دعوة للتوقف كثيـــــــــــرا قبل العمل و تطهير القلب بشـــدة قبل الشروع فيه ..