أثار عنوان الفتوى فضولي لمشاهدتها ، استشارة وردت إلى أحد رؤوس الدعوة في الأسكندرية من زوجة مؤمنة تشكي إليه زوجها أنه بعدما يشاهد المباراة يتابع تحليلها و الذي تظهر فيه امرأة متبرجة و هو لا يتورع عن النظر إليها .....زاد الطين بلة أن هذا السؤال تزامن مع عدوان الخنازير على غزة الأبية في مطلع العام قبل السابق ....فنصح له الشيخ و ذكره بأن الأمة تمر بمراحل عصيبة و تنزف دما أو أنت تنفق وقتك في مباراة و نظر حرام !! هو محق في ذلك في رأيي......ثمة أمور و إن كانت من قبيل المباحات غير أن مباشرتها في أوقات خاصة تعد تقصيرا ..

إنها نعمة من الله بلا شك ان يحظى المرء بزوجة مؤمنة توقفه عند حدود الله و تنصح له و تذكره بطاعته ...غير أني أعجب كيف تكون القوامة لرجل على امرأة أتقى منه لله ؟..إننا حين نقول ان القوامة للرجل على المرأة بما فضل الله الرجل على المرأة بعقل ذي قدرة أكبر على وعي الأمور و حسن التصرف و اتخاذ القرار فإننا نقر كذلك أن العقل هذا ثمة عوامل تشارك في تكوينه و تشكيل نضجه ...لا ريب عندي أن تدين المرء ذلك العامل الأعظم ...و عليها فمتى قل دينه ..قل عقله..قلت قوامته.

عجيب أني كنت لا اقول بهذا الراي قبل ذلك ، فكنت لا أرى باسا أن تكون المرأة أعلم و أدين من الرجل لا سيما أن قلبها أرق و دمعها أقرب ، و لي في هذا شاهد من تزويج سعيد بن المسيب التابعي العظيم ابنته لأحد طلابه ، و حين هم الزوج بالخروج لطلب العلم عند أبيها أشارت عليه بالجلوس لأن ما عند أبيها عندها ....إلى أن نجح أحد أصدقائي في إقناعي بالرأي الذي ذكرت.


إن الرجل قيم العلاقة ، و علي كاهله تقع المسؤلية كاملة إن كانت علاقة يرضاها الرحمن أو أخرى يباركها الشيطان.


نكأ الجرح قريبا سيري في أحد الشوارع و إذ بصديق لي يسير إزائي و إلى جواره خطيبته و قد احتوت يده يدها ...عادة أستحي في مواقف كهذه كلما رأيت صديقا و زوجه يسيران فألقي عليهما السلام في عجل وأتابع سيري ...لكن الأمر مختلف إنها لم تصبح زوجته بعد...لا يحل ليده أن تحتوي يدها ...هل أقف و أحدثه أم أرجئ هذا لحين أراه منفردا ...إن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن ليؤجل البيان عن وقت الحاجة ....غير أن فعلي كان الثاني للأسف .

أثار الموقف هذا تساؤلا لدي ....إن كثيرا من الناس يعتقدون أن الخطبة هي اسعد فترات عمرهم ؟ ما الذي جعلهم يظنون هذا ؟ ربما نثير السؤال بشكل مختلف... لم يكون الأمر بعد ذلك اقل سعادة من الخطبة ؟ هل لأنها فترة من التصنع و الزيف و الخداع و الإنسان بطبيعته يميل إلى الأوهام ...أم أن التجاوزات التي يسمح بها الأهالي هي التي تحول السعادة بعد ذلك إلى جو من الرتابة و الملل ...أنهم يسيئون إلى اولادهم من حيث لا يشعرون ...أم أنهما يحرمان هذه السعادة بتعجلهم إياها في غير محلها فمن المعلوم لدينا ان العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ....كلها احتمالات.

ماذا عليهما لو صبرا قليلا فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .

كان أبو فراس الحمداني يقول في شعره حين عوتب بسبب هجره :

بلى أنا مشتاق و عندي لوعة ......لكن مثلي لا يذاع له سر.

ولما كان الرجل قيم العلاقة فماذا عليه لو قال :

- بلى أنا مشتاق و عندي لوعة ....لكن أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم.

- بلى أنا مشتاق و عندي لوعة ...لكن عاهدت ربي على أن أؤسس بيتي على تقوى منه و رضوان مهتديا بقوله سبحانه " أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم و الله لا يهدي القوم الظالمين "

- بلى أن مشتاق و عندي لوعة ... لكن صغيرتي إنما أفعل هذا من أجلك أنت ..بل من أجل بيتنا ....لا لا بل من أجل أبنائنا " و ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله و ليقولوا قولا سديدا "

إننا نكره كثيرا من الأمور- مع جزمنا بصحتها - حال مباشرتنا لها ، فما إن تمر تلك الفترة حتى نحمده سبحانه على تثبيتنا ، و لولا أن ثبتنا لقد كنا نركن إلى معصيته شيئا قليلا أو كثيرا .

اي أُخي إن الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس ...فاسلك هذا الطريق ستجني ثماره لا ريب و الله كاف عبده.