عن العشق و أمور أخرى

فى إحدى تدويناتى سألتني إحدى زائرت المدونة عن دينى فى بضع أبيات نقلتها فى الحب و العشق ظنا منها أنه لا يجوز كما نقل لها أو تطرق إليه إحساسها ، و أجبتها من إحدى الرسائل الدعوية للدكتور عبد الله ناصح علوان رحمه الله بعنوان الحب فى الإسلام من مطبوعات دار السلام بشأن التفرقة بين الغزل العفيف المباح و الغزل الصريح المحرم ، أحببت أن أضيف فى تدوينتى هذه كلاما بديعا لابن القيم من كتابه الرائع الداء و الدواء.

و فى الواقع قد ترددت كثيرا قبل أن أنشر هذا الكلام تارة أعزم و تارة أعاود أدراجى قائلا : أيها الفرخ اطو كشحك على هذ الأمر و أوثر السلامة.

حين قرأته لأول مرة فى عامى الجامعى الثانى حين كان توجهى الإسلامى فى أوج عزائمه توقفت كثيرا عنده و استنكرته فى نفسى أيما استنكار و تمنيت أنه لو كان بمقدورى إزالته..........غير أن حماس الشباب الذى لا أجزم بزواله لدى لكنى أجزم أن القليل من تريث الكبار قد كبح بعض جماحه ، هذا التريث الذى أدين بعد فضل الله بدور دكتور سعد الدين هلالى و دكتور طلعت عفيفى فى تنميته لدى.

يقول ابن القيم فى كتابه :-
و نحن لا ننكر فساد العشق الذى متعلقه فعل الفاحشة بالمعشوق ، و إنما الكلام فى العشق العفيف من الرجل الظريف الذى يأبى له دينه و عفته و مروءته أن يفسد ما بينه و بين الله ، و ما بينه و بين معشوقه بالحرام ، و هذا عشق السلف الكرام الأئمة الأعلام ، فهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبه بن مسعود أحد الفقهاء السبعة عشق حتى اشتهر أمره و لم ينكر عليه و عد ظالما من لامه و من شعره:
كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم.............. ولامك قوم و لومهم ظلم
فنم عليك الكاشحون وقبلهم ................عليك الهوى قد نم لو ينفع الكتم
فأصبحت كالهندى إذا مات حسرة ..........على إثر هند أو كمن شفه سقم
تجنبت إتيان الحبيب تاثما ألا.................. إن هجران الحبيب هو الإثم
فذق هجرها ، قد كنت تزعم أنه............. رشاد ألا يا ربما كذب الزعم
أهـ.

قبل أن أقرأ الكتاب نصحنى أحد أصحابى ألا أقرأ الأربعين الصفحة الأخيرة – و هى الصفحات التى أفردها ابن القيم للكلام فى العشق- زعما منه أنى سأسئ فهمها ، غير أن هذا الزعم تبين لى فساده فالكلام لا يحتاج شرحا و لا يحتمل تأويلا .......... لكنى لا أعلم لماذا ينتهج البعض أخلاق بنى اسرائيل فى التعامل مع بعض المسائل فتجدههم يجعلونها قراطيس يبدونها و يخفون كثيرا منها .............. قد أثر هذا كثيرا فى تقبلنا لمن يختلف معنا.

ذات مرة سألت شيخا أعرف عنه توجهه الصوفى فى هذا الكلام فكان رده على : محمد حبيبى كفيانا عشق و نسوان و قرف ، الأمة بتضيع و أنت بتقولى عشق!!!!

و الحقيقة هذا الكلام يحترم من وجه ، هو ضرورة الانشغال بالأولى ، و أنا لا أعيبه غير أنه لا يمنع من تبين حكم ديننا فى التعامل مع المسائل خصوصا التى تمس وجدان قطاع كبير منه.

و فى هذا السياق نقل د. خالد ابو شادى سر عنوان كتابه اللطيف ليلى بين الجنة و النار قصة واقعية تعضد من قول الشيخ يقول :
كان الإمام حسن البنا فى جولة يتفقد فيها مواقع المعركة على أرض فلسطين إذ رأى فتى صغيرا يحمل بندقية بين يديه و تبدو عليه روح الجهاد و الصرامة فسأله الإمام ما اسمك يا فتى ؟ فقال : قيس ، فقال له مداعبا و اين ليلاك يا قيس ؟
فقال ليلاى فى الجنة ، فسُرّ به الإمام و دعا له بالخير. أهـ.

فالأمر إليكى فانظرى ماذا ترين ؟